فن المحاورة هو أحد أبرز فنون الشعر النبطي، ويُعد من أرقى أشكال التحدي الشعري الشعبي في الخليج والجزيرة العربية، خاصة في السعودية هو أشبه بـ”مبارزة شعرية” بين شاعرين أو أكثر، يُلقى فيها الشعر مرتجلًا أمام جمهور حاضر، وتدور فيها الردود السريعة والمباشرة، ويُستخدم فيها الذكاء اللغوي، الفطنة، والسرعة في البديهة.
هذا الفن ليس مجرد تسلية، بل هو مدرسة في البلاغة والرمزية، وقد كان لعقود طويلة وسيلة من وسائل النقد، والفخر، والتفاخر، والمنافسة، وحتى الصلح أحيانًا.
أسماء أخرى لفن المحاورة
• المحاورة
• القلطة
• البدع والرد
• المزاين الشعري
أركان المحاورة
1. الشاعر الأول (البدع): يبدأ بالموضوع أو المعنى.
2. الشاعر الثاني (الرد): يرد على نفس القافية والوزن، بمعنى جديد.
3. الراوي أو المنشد: يكرر الأبيات على طريقة الغناء الشعبي.
4. الجمهور: عنصر أساسي، يتفاعل ويصفّق لمن أبدع.
قواعد فن المحاورة
• يجب الالتزام بـ نفس الوزن والقافية.
• لا يُسمح بالتكرار الحرفي، بل يجب إيجاد معنى جديد بنفس الحروف.
• يُستخدم الرمز والتورية كثيرًا، لرفع مستوى التحدي.
• الارتجال شرط أساسي، وهذا ما يميز الشاعر الحقيقي.
أغراض المحاورة
• التحدي الشعري والفكري.
• الفخر والمدح أو النقد والتصحيح.
• الإصلاح بين القبائل أو بيان موقف اجتماعي.
• الترفيه والتسلية في المجالس والمناسبات.
من أشهر شعراء المحاورة
1. خلف بن هذّال
شاعر وطني كبير، وله محاورات مليئة بالحكمة والرمزية.
2. حبيب العازمي
احد أبرز المحاورين، يتميز بسرعة البديهة وردوده الذكية.
محمد السناني، زبن بن عمير وغيرهم من الأسماء المعروفة حاليًا.
نموذج من محاورة شعرية
البدع:
يا سابحٍ في بحر فكري بلا شاطي
والليل داجٍ والهوى ما له دريب
إن جيت أبي سلم، لقيت الحكي سمّ
وإن سكت زادوا عليّ العذاريب
الرد:
إن كنت سابح في بحر، أنا لي شاطي
وأعرف مجاديف الهوى وين تغريب
لا تسكت وخلّ الحكي دايم يسمّ
لا صار ما يوجعك، ما له تجاريب
التحليل:
• استخدم الشاعر الأول رمزية “البحر” للتعبير عن الحيرة، والليل كرمز للضياع.
• ردّ عليه الشاعر الآخر بثقة، مؤكدًا قدرته على السيطرة على المشاعر والردود.
• التراكيب تحمل معاني مزدوجة، واللغة قوية وصورة البحر كانت موفقة.
فن المحاورة هو صراع نبيل بالكلمات، وساحة تتواجه فيها العقول قبل الألسن.
هو فن لا يُتقنه إلا شاعر ذو بديهة حاضرة، ولسان فصيح، وروح نبطية أصيلة.
يمثل صورة حيّة من ثقافة العرب وتاريخهم، ويستحق أن يُدرّس ويُحفظ كجزء من هويتنا الأدبية الأصيل
مزاين الإبل، سوق عكاظ، مهرجان الجنادرية، وغيرها.
كما يُبث على قنوات متخصصة، ويتابعه الجمهور عبر وسائل التواصل، ويُعتبر فنًّا شعبيًّا متجددًا.

